قال معاوية لضرار الصدائي صفلي علي ابن ابي طالب

قَالَ مُعَاوِيَةُ لِضِرَارٍ الصُّدَائِيِّ : يَا ضِرَارُ , صِفْ لِي عَلِيًّا ، قَالَ : أَعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : لَتَصِفَنَّهُ ، قَالَ : أَمَّا إِذَا لَا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ : " فَكَانَ وَاللَّهِ بَعِيدَ الْمَدَى ، شَدِيدَ الْقُوَى يَقُولُ فَصْلًا ، وَيَحْكُمُ عَدْلًا ، يَتَفَجَّرُ الْعِلْمُ مِنْ جَوَانِبِهِ ، وَتَنْطِقُ الْحِكْمَةُ مِنْ نَوَاجِذِهِ ، يَسْتَوْحِشُ مِنَ الدُّنْيَا , وَزَهْرَتِهَا ، وَيَسْتَأْنِسُ مِنَ اللَّيْلِ وَوَحْشَتِهِ ، وَكَانَ وَاللَّهِ غَزِيرَ الْعَبْرَةِ ، طَوِيلَ الْفِكْرَةِ ، وَيُقَلِّبُ كَفَّهُ ، وَيُخَاطِبُ نَفْسَهُ ، يُعْجِبُهُ مِنَ اللِّبَاسِ مَا قَصُرَ ، وَمِنَ الطَّعَامِ مَا خَشُنَ ، كَانَ فِينَا كَأَحَدِنَا , يُجِيبُنَا , إِذَا سَأَلْنَاهُ ، وَيُنَبِّئُنَا , إِذَا اسْتَنْبَأْنَاهُ ، وَنَحْنُ وَاللَّهِ مَعَ تَقْرِيبِهِ إِيَّانَا وَقُرْبِهِ مِنَّا ، لَا نَكَادُ نُكَلِّمُهُ لِهَيْبَتِهِ ، وَلَا نَبْتَدِيهِ , لِعَظَمَتِهِ ، يُعَظِّمُ أَهْلَ الدِّينِ , وَيُحِبُّ الْمَسَاكِينَ ، لَا يَطْمَعُ الْقَوِيُّ فِي بَاطِلِهِ ، وَلَا يَيْأَسُ الضَّعِيفُ مِنْ عَدْلِهِ ، وَأَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ , وَقَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ ، وَغَارَتْ نُجُومُهُ ، وَقَدْ مَثُلَ فِي مِحْرَابِهِ ، قَابِضًا عَلَى لِحْيَتِهِ ، يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ ، وَيَبْكِى بُكَاءَ الْحَزِينِ ، وَيَقُولُ : يَا دُنْيَا غُرِّي غَيْرِي ، أَبِي تَعَرَّضْتِ ؟ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ ؟ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ، قَدْ بَايَنْتُكِ ثَلَاثًا لَا رَجْعَةَ فِيهَا ، فَعُمْرُكِ قَصِيرٌ ، وَخَطَرُكِ حَقِيرٌ ، آهٍ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ , وَبُعْدِ السَّفَرِ , وَوَحْشَةِ الطَّرِيقِ " ، فَبَكَى مُعَاوِيَةُ ، وَقَالَ : رَحِمَ اللَّهُ أَبَا الْحَسَنِ ، كَانَ وَاللَّهِ كَذَلِكَ ، فَكَيْفَ حُزْنُكَ عَلَيْهِ يَا ضِرَارُ ؟ قَالَ : حُزْنُ مَنْ ذُبِحَ وَلَدُهَا فِي حِجْرِهَا .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة